فضيحة بيئية تهز واد أمليل: مطرح نفايات داخل الوادي يهدد الصحة والبيئة

متابعة: توفيق الكنبور

تشهد جماعة واد أمليل التابعة لإقليم تازة حالة غير مسبوقة من الاستياء الشعبي والاحتقان المجتمعي، بعد تحول مجرى واد إيناون، الذي يُعد رافداً أساسياً لـسد إدريس الأول المزوِّد بدوره لمدينتي فاس ومكناس بالماء الصالح للشرب، إلى مكان لرمي النفايات المنزلية، وهو مشهد صادم وصفته فعاليات محلية وحقوقية بأنه فضيحة بيئية من العيار الثقيلتهدد صحة السكان وتعرّض النظم البيئية للتدمير، وتثير علامات استفهام واسعة حول أسباب السماح باستمرار هذا الوضع الخطير.

ويؤكد سكان واد أمليل أن شاحنات محمّلة بالنفايات المنزلية المختلفة شرعت، منذ مدة طويلة، في إلقائها مباشرة داخل الوادي، مما أدى إلى انتشار روائح كريهة بشكل خانق، وتكاثر الحشرات والبعوض، إضافة إلى توافد أعداد كبيرة من الكلاب الضالة الباحثة عن الطعام وسط الأزبال. وقد تسبب ذلك في مخاوف كبيرة من تهديد مباشر لصحة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن.

ويقول السكان إن الوضع “لم يعد يُحتمل”، لأنه لا يمثل فقط خرقاً بيئياً واضحاً، بل يشكل تهديداً خطيراً للموارد المائية التي يعتمد عليها سكان واد أمليل والمناطق المجاورة، وللمنظومة المائية المرتبطة بسد إدريس الأول.

وقد توصلت الجريدة بنسخة من اتفاقية شراكة موقعة بتاريخ 12 يونيو 2024 بين الجماعة الحضرية لتازة وعدد من الجماعات المجاورة، من بينها جماعة واد أمليل. وتنص الاتفاقية بشكل واضح على نقل النفايات المنزلية إلى المطرح الرسمي لتازة وطمرها وفق دفتر تحملات مضبوط.

الاتفاقية، التي جرى توقيعها تحت إشراف عامل إقليم تازة، تُلزم الجماعات المعنية باحترام المعايير البيئية المعمول بها، والتقيد بجميع الشروط المرتبطة بتدبير ومعالجة النفايات بما يحفظ سلامة البيئة وصحة الساكنة.

إلا أن السؤال الذي يطرحه الفاعلون المحليون اليوم هو:
لماذا لم تُفعَّل هذه الاتفاقية؟
ولماذا يتم التخلص من النفايات داخل الوادي رغم وجود التزامات رسمية مُوقّعة ومصادق عليها؟

هذا السؤال، بحسب الساكنة، يحتاج إلى جواب واضح من المجلس الجماعي وكل الجهات المسؤولة عن تدبير القطاع.

من جهتها، أعلنت الجمعية المغربية للكرامة وحقوق الإنسان وحماية المال العام أنها ستوجّه مراسلة رسمية إلى السيد وزير الداخلية ووالي جهة فاس–مكناس وعامل إقليم تازة،  وكالة الحوض المائي لسبو للمطالبة بـإيفاد لجنة مختصة وعاجلة للوقوف على الوضع البيئي المقلق داخل واد إيناون، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف ما تعتبره الجمعية كارثة بيئية تهدد حياة المواطنين.

وأكّدت الجمعية أن الوضع لم يعد قابلاً للتحمل، وأن انتشار الحشرات والروائح الكريهة والكلاب الضالة حول النفايات يشكل خطراً حقيقياً على الصحة العمومية، إضافة إلى التأثير السلبي على المزارع والمياه الجوفية، وارتفاع مخاطر تلويث المياه التي تتجه نحو سد إدريس الأول.

كما شددت فعاليات محلية على ضرورة تدخل الوكالة المائية لحوض سبو باعتبارها الجهة المسؤولة قانونياً عن حماية الموارد المائية والسدود من كل أشكال التلوث.

ويطالب سكان واد أمليل بالتطبيق الفوري للاتفاقية المبرمة سنة 2024، وبضرورة احترام دفتر التحملات الذي ينص على نقل النفايات إلى مطرح تازة بدل رميها في الوادي. كما يدعون السلطات إلى وقف هذا الخرق البيئي فوراً، وفتح تحقيق جدي في أسباب حدوثه، ومراقبة تدبير النفايات من طرف الجماعات المعنية، وإيجاد حل دائم يحمي البيئة وصحة الإنسان، إضافة إلى إعادة تأهيل واد إيناون وحمايته من التلوث.

ويؤكد السكان أن واد إيناون لم يعد يتحمل هذا الكم من الأزبال التي أصبحت تهدد الوسط الطبيعي بشكل مباشر، خصوصاً أنه يُعد رافداً مهماً للمنطقة وله قيمة بيئية وإستراتيجية ترتبط بالأمن المائي للمدن الكبرى.

ويرى متتبعون أن هذا الوضع يعكس غياب مقاربة بيئية واضحة لدى بعض الجماعات المحلية، وأن تدبير قطاع النفايات لا يزال يعاني من اختلالات عميقة، رغم تعدد الاتفاقيات والبرامج التي تهدف إلى تنظيمه.

الوضع البيئي في واد أمليل اليوم يستدعي، وفق الفاعلين المحليين، تدخلاً فورياً وحازماً من جميع الجهات المختصة، لأن استمرار رمي النفايات داخل واد إيناون يشكل خطراً صحياً وبيئياً لا يمكن تجاهله.

ويبقى الأمل معقوداً على تدخل عامل إقليم تازة والسلطات الجهوية والمركزية، إضافة إلى الوكالة المائية لحوض سبو، لتنزيل الاتفاقية الموقعة سنة 2024 بشكل فعلي، وإعادة الاعتبار للبيئة، وضمان حق الساكنة في العيش في بيئة سليمة وآمنة.