الإكراهات والتحديات التي تواجه والي ولاية جهة فاس مكناس: تقرير يرصد اختلالات عميقة تنتظر إصلاحاً عاجلاً

متابعة : احمد الزينبي

يواجه السيد خالد آيت الطالب، والي جهة فاس–مكناس وعامل عمالة فاس، مجموعة من الإكراهات التي تتطلب تدخلاً عاجلاً ومقاربة شمولية لإعادة ترتيب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية بمدينة  فاس .

وفي هذا الصدد قمت الجمعية المغربة للكرامة وحقوق الانسان وحماية المال العام،  برصد مجموعة من الاختلالات التي تضمنها تقريرها المفصل، حيث وقف التقرير المذكور على كون مدينة فاس بتاريخها العريق، تعاني رغم مكانتها التاريخية والحضارية، من مشاكل متزايدة على مستوى البنية التحتية الشاملة، فالكثير من الطرق والأزقة، خصوصًا في الأحياء الشعبية والقديمة، تعرف تدهورًا واضحًا يتمثل في انتشار الحفر وتآكل الطبقات الإسفلتية، مما يعرقل حركة السير ويؤثر سلبًا على جمالية المدينة،  وفي هذا الصدد تطالب الجمعية بفتح تحقيق  في مشاريع البنية التحتية كطريق وسلان التي اعترتها عيوب كثيرة، رغم أنها  حديثة الانجاز،  ناهيك عن طرق أخرى كبدت خزينة الدولة  مبالغ مالية مهمة هائلة، كما تشهد المرافق العمومية ضعفًا في الصيانة، كشبكات الصرف الصحي التي تحتاج إلى الصيانة والتجديد باستمرار،  أما على مستوى الأزبال والنفايات  فحدث ولا حرج جراء انتشارها في عدد من الأحياء بسبب ضعف تدبير قطاع النظافة، وغياب الوعي البيئي لدى بعض السكان.

هذه الوضعية تعكس الحاجة الملحة إلى مخطط شامل لإعادة تأهيل البنية التحتية، يراعي الخصوصية التاريخية لفاس ويهدف إلى تحسين ظروف العيش وجودة الخدمات الأساسية، انقطاع الكهرباء في بعض الاحياء كما تعرف مجموعة من الأحياء انقطاعًا متكرّرًا في التيار الكهربائي نتيجة ضعف الصيانة وتهالك الشبكات الكهربائية،  كما تشكو ساكنة بعض المناطق من غياب الإنارة العمومية ليلاً كحي تجزئة الصينية، مما يخلق إحساسًا بعدم الأمان ويؤثر سلبًا على الحياة اليومية للسكان، ورغم الشكايات المتكررة التي ترفعها الساكنة إلى الجهات المعنية، لا تزال هذه المشاكل مستمرة دون حلول جذرية تذكر، ويطالب المواطنون بتدخل عاجل لإصلاح الأعطاب التقنية، مع تجديد الشبكات وتحسين خدمات الإنارة، باعتبارها عنصرًا أساسيًا من عناصر البنية التحتية التي تضمن الأمن وجودة الحياة داخل المدينة.

تعاني مدينة فاس من ضعف واضح في شبكة النقل العمومي، إذ لا تشمل التغطية جميع الأحياء والمناطق المحيطة بها مثل طريق سيدي حرازم منزه فضاء السعادة ومنتزه الصينية، وتراب جماعة عين الشقف، وجماعة أولاد الطيب، إضافة إلى أحياء أخرى أزمة حادة في خدمات وسائل النقل، هذا الوضع يؤدي إلى اكتظاظ كبير في الحافلات ووسائل النقل المتوفرة، ويُعرقل تنقل المواطنين والطلبة بشكل يومي، مما يتسبب في تأخرهم عن عملهم ودراساتهم وتعطل مصالحهم. كما أن غياب الربط المنتظم بين مركز المدينة وضواحيها يزيد من معاناة الساكنة، ويُبرز الحاجة إلى تعزيز البنية التحتية للنقل عبر توسيع الشبكة، وتحسين جودة الخدمات، وضمان تغطية شاملة تُمكّن الجميع من التنقل في ظروف مريحة وآمنة.

تشهد مدينة فاس في الآونة الأخيرة تفاقمًا واضحًا في حالة الفراغ السياسي داخل المجلس الجماعي، نتيجة الصراعات السياسوية الضيقة التي أصبحت تعرقل سير العمل الجماعي وتساهم في تأخر إنجاز مشاريع التنمية التي تنتظرها الساكنة. هذا الانقسام الحاد بين مكونات المجلس أدى إلى غياب رؤية موحدة، وتنسيق فعّال مع المصالح اللاممركزة للإدارة، ما انعكس سلبًا على وتيرة تنفيذ البرامج التنموية وتحسين الخدمات العمومية، ويطالب المواطنون بضرورة تجاوز الخلافات الشخصية والسياسية، وتركيز الجهود على المصلحة العامة والنهوض بالمدينة، التي تستحق تدبيرًا مسؤولًا يوازي مكانتها التاريخية والاقتصادية.

كما تطالب الجمعية المغربية للكرامة وحقوق الإنسان وحماية المال العام بضرورة فتح تحقيق شامل في تدبير مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمدينة فاس، خاصة تلك التي موّلت عدداً من الأسواق النموذجية مثل سوق الزهور وعوينات الحجاج والتي كان الهدف منها تنظيم التجارة، خاصة الباعة المتجولين، وتحسين الوضع الاقتصادي، غير أن هذه المشاريع سجلت بخصوصها اختلالات خطيرة ما جعلا تظل معطلة الى الان، ومن أبرزها توزيع المحلات التجارية على مستفيدين لا يستحقونها، ولا تربطهم أي علاقة بالمهنة، وبعضهم يقيم خارج أرض الوطن وبعضهم يشتغلون في قطاعات أخرى وتضل المحلات مغلقة، كما تم تسجيل عمليات إعادة بيع للمحلات عبر سماسرة، ما أفقد هذه المشاريع هدفها الاجتماعي والتنظيمي.

ويُضاف إلى ذلك تفشي ظاهرة الباعة الجائلين في محيط هذه الأسواق، مما أدى إلى انتشار الفوضى وتراكم النفايات والضجيج، بل ووُثقت حالات ممارسة أنشطة غير قانونية كبيع المخدرات وأقراص “القرقوبي”، في هذه الأسواق، وفي هذا الإطار، تدعو الجمعية إلى: إعادة تأهيل الأسواق النموذجية، وكرائها لشركات مثل الأسواق الأسبوعية في العالم القروي كل سنة لشركات متخصصة تتولى تدبيرها واستغلالها بطريقة شفافة ومسؤولة وتستفيد من مواردها الجماعة، وفي هذا السياق، تقترح الجمعية الأخذ بالتجربة الرائدة التي أسست لها جماعة بن كرير بتنسيق مع السلطات الإقليمية من القطع مع العشوائية في تدبير ظاهرة القطاعات الهشة بما فيها الباعة الجائلين، الذي يشكل حوالي 70 في المائة من الانشطة الاقتصادية بتراب جماعة فاس، الذي يشكل عبئا حقيقيا على الدورة الاقتصادية، كونهم لا يخضعون لأي استخلاص ضريبي، ناهيك عن الفوضى وإزعاج الساكنة المجاورة لتلك الأسواق العشوائية، والتي تتمركز أساسا بمحيط المساجد،  بدون حسيب أو رقيب رغم الشكايات المتكررة للساكنة، ما يترك سيلا من الأسئلة حول رفع الضرر عنهم من قبل السلطات المحلية، التي تغض الطرف عنهم بشكل مريب،  وللتغلب على الظاهرة المذكورة، يجب على الجهات المعنية التفكير بجدية في إيجاد حلول منصفة وحافظة لكرامة الباعة المتجولين، وذلك بالعمل على إحداث مشروع متكامل يضمن بشكل كبير محاربة البطالة، وإنعاش الاقتصاد المحلي من خلا تقنين الانشطة الغير مهيكلة ، للاستفادة من مداخيل تحصيل الجبايات، وذلك باعتماد النموذج الرائد في هطا المجال الطي اعتمدته عمالة بن كرير بتنسيق مع جميع المصالح و المتدخلين بما فيها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

وتطالب الجمعية بفتح تحقيق مع المجلس الجماعي الذي فوت الفرصة في تحصيل كراء المحلات التابعة للجماعة، والملك الجماعي عموما، والذين عجزوا عن استخلاص الكراء لمدة عشرين عاما مع العلم أن السومة الكرائية للمحلات التجارية لم تتعدى 300 درهم في قسارية بوجلود وغيرها من المحلات الأخرى في المدينة، بدعوى انهم اصبحت لهم الاقدمية، فتح تحقيق إداري ومالي شامل حول كيفية تدبير مشاريع الأسواق النموذجية والمراكز الاجتماعية الممولة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

فتح تحقيق حول وضعية الفضاءات الثقافية بالمدينة، وعلى رأسها المركب الثقافي الحرية، الذي توقّف عن تقديم خدماته منذ أكثر من ست سنوات، مما انعكس سلباً على الحركية الثقافية والفنية بالعاصمة العلمية، ويهدف هذا التحقيق إلى الوقوف على أسباب هذا التوقف، ورصد أوجه القصور في تسيير هذه المرافق الحيوية، قصد وضع خطة لإعادة تأهيلها وضمان استمرارية دورها في تنشيط المشهد الثقافي ودعم الإبداع المحلي.

فتح تحقيق شامل حول وضعية الفضاءات الرياضية بالمدينة، بما في ذلك ملاعب القرب والقاعات المغطاة، قصد تقييم طرق تفويتها وتدبيرها الإداري والمالي، ويهدف هذا التحقيق إلى الوقوف على مدى نجاعة هذه المشاريع وما حققته من إنجازات لفائدة شباب وطفولة المدينة، إلى جانب رصد الإكراهات والصعوبات التي تعيق أداءها، في أفق اقتراح حلول عملية تضمن حسن تدبيرها وتعزيز دورها في دعم الرياضة والتنمية المحلية.

فتح تحقيق حول آلية الدعم المالي المقدم للجمعيات الثقافية والفنية والرياضية، في ظل غياب دفاتر تحملات واضحة، وعدم الإعلان عن فتح العروض للراغبين في الاستفادة من هذا الدعم، كما يركز التحقيق على طبيعة العلاقة بين المستفيدين وبعض منتخبي المجلس الجماعي ومجلسي الجهة والعمالة حيث يضربون عرض الحاط حالات التنافي، وذلك من أجل الوقوف على التجاوزات المحتملة، وضمان شفافية توزيع الدعم وتحقيق العدالة بين جميع الجمعيات المستحقة.

فتح تحقيق نزيه ومسؤول في لائحة الأعوان العرضيين بجماعة فاس ومقاطعاتها، بهدف فحص مدى صحة القوائم ومدى مطابقتها للمعايير القانونية، مع تسليط الضوء على علاقة بعض المستفيدين بأغلبية المجلس، لضمان الشفافية ومنع أي محاباة أو استغلال للنفوذ في التعيينات.

فتح تحقيق حول واقع عدد من دور الشباب بالمدينة، والوضعية المزرية التي آلت إليها، مع التركيز على كيفية تسيير دواليب أجهزتها الإدارية والتربوية، ويهدف التحقيق إلى الكشف عن الإكراهات والممارسات غير السليمة، ووضع توصيات لإعادة تأهيل هذه المؤسسات وضمان فعاليتها في خدمة الشباب وتنمية مهاراتهم.

ومن أجل خلق رواج اقتصادي وثقافي مهم بمدينة فاس، يُجب إعادة تأهيل ساحة بوجلود، واستثمارها كموقع حيوي على غرار ساحة جامع الفنا بمراكش في خطوة استراتيجية واعدة. فتهيئة الساحة وتجهيزها لتكون فضاءً مفتوحاً للعروض الفنية والثقافية، واحتضانها لـ”الحلايقة” وفناني الشارع، سيمنحها طابعاً فريداً يجمع بين الترفيه والإبداع ويعكس روح المدينة الأصيلة. هذا المشروع سيساهم في تشغيل عدد كبير من الشباب العاطل، سواء في مجالات الفنون، أو الحرف التقليدية، أو الأنشطة السياحية والخدماتية المرتبطة بها، مما ينعش الدورة الاقتصادية المحلية. كما أن الترويج للساحة عبر وسائل الإعلام سيساعد على إبراز جمال فاس وتراثها الغني، ويجعل من ساحة بوجلود وجهة سياحية وثقافية بارزة، تضاهي ساحة جامع الفنا وتعيد للمدينة إشعاعها الحضاري والثقافي، وتمنحها جمالية خاصة تجمع بين التاريخ والإبداع المعاصر.

تُعد محاربة البناء العشوائي داخل مدينة فاس ضرورة ملحّة للحفاظ على جمالية المدينة، وتنظيم مجالها العمراني. فقد أدى انتشار البناء غير المرخّص واحتلال الملك العمومي بشكل عشوائي، إلى خلق فوضى عمرانية وتشويه المنظر العام، مما انعكس سلباً على سمعة المدينة التاريخية العريقة، إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب مقاربة شمولية تجمع بين الصرامة في تطبيق القوانين وتشجيع المواطنين على البناء المنظم، عبر توفير بدائل سكنية مناسبة، وتحسين ظروف العيش في الأحياء الهامشية، كما يجب تحرير الملك العمومي واستعادته لاستعماله الأصلي، بما يضمن انسيابية الحركة ويحافظ على جمالية الفضاءات العامة، فمحاربة العشوائية هي خطوة أساسية نحو مدينة فاس منظمة، نظيفة، وجاذبة للسياحة والاستثمار، بما يليق بمكانتها كتراث حضاري عالمي.

إعادة النظر في وضعية المراكز الاجتماعية والتي تمول  من دعم المبادرة الوطنية، والتعاون الوطني، والتي سجلت الجمعية الحقوقية المذكورة بكونها تستغل بشكل يدعو لأكثر من وقفة، من قبل جمعيات موالية لأحزاب، وجمعيات غير قانونية بسب حالات التنافي، او جمعيات على المقاص العائلي، بالإضافة لجمعيات مرتزقة حولوا المراكز الاجتماعية المذكورة  الى مدارس خاصة، تدر عليهم أموال طائلة دون محاسبة ومراقبة،  بالإضافة الى التمويل السخي الذي تحصل  عليه من طرف المبادرة والتعاون الوطني، ويتعلق الامر بأسماء معروفة على الساحة السياسية والجمعوية،  مع فتح تحقيق  وافتحاص في مالية هذه الجمعيات وجمعيات أخرى محظوظة،  والتي استفادت من  مشروع اوراش ، مع العمل على دعم الجمعيات ذات المصداقية وإبعاد تلك التي تستغل العمل الجمعوي لأغراض سياسية أو انتخابية، كما تهدف هذه المطالب إلى إعادة الثقة في مشاريع التنمية المحلية وضمان أن تصل ثمرات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى الفئات المستحقة فعليًا، بعيدًا عن كل أشكال الفساد والمحسوبية.