فاس تحت الحصار الخدماتي والمجلس الجماعي غائب عن هموم المواطنين

متابعة : احمد الزينبي

شهدت دورة أكتوبر للمجلس الجماعي لمدينة فاس توترًا جديدًا يعكس حجم الأزمة التي تمر منها المدينة على أكثر من صعيد، في ظل انسحاب عدد من المستشارين ورؤساء المقاطعات، وسط تذمر متصاعد في صفوف الساكنة وفعاليات المجتمع المدني من تدني مستوى الخدمات الأساسية، وتعثر المشاريع، وغياب الانسجام داخل مكونات المجلس.

وخلال الدورة الأخيرة، تم تسجيل انسحاب عدد من الأعضاء والمستشارين ورؤساء المقاطعات ، مما أثر على استمرارية الجلسة، وأدى إلى تعليق مناقشة عدة نقاط مهمة مدرجة في جدول الأعمال. هذه الوضعية تكررت في دورات سابقة، وهو ما يعتبره مراقبون مؤشرًا خطيرًا على اهتزاز الثقة داخل المجلس، وضعف الالتزام بالمسؤوليات الموكولة للمنتخبين.

في الميدان، لا يخفى على أحد الواقع اليومي المتردي الذي تعيشه العاصمة العلمية. فـالنفايات تنتشر في الأحياء، والعديد من نقاط الجمع لا تُفرغ بانتظام، ما يتسبب في مشاهد مؤلمة تسيء لصورة المدينة ، إلى جانب ذلك، يعاني المواطن الفاسي من ضعف كبير في خدمات النقل العمومي، تأخر الحافلات، واكتظاظها، ناهيك عن النقص الحاد في المسارات الآمنة للمشاة وذوي الاحتياجات الخاصة.

كما تعرف البنية التحتية تدهورًا متزايدًا، مع انتشار الحفر والتشققات في عدد من الشوارع، وغياب التشوير الطرقي في أماكن حساسة. أما الإنارة العمومية، فتعاني بدورها من انقطاعات متكررة، خاصة في الأزقة الداخلية، مما يساهم في ارتفاع الإحساس بعدم الأمان ليلاً. وتبقى المساحات الخضراء في تراجع واضح، من حيث الصيانة والعناية، وسط غياب رؤية حقيقية لإعادة تأهيلها وتوسيعها.

وأمام هذا الواقع، عبّرت فعاليات جمعوية ومدنية عن استيائها الشديد من الطريقة التي تُدار بها شؤون المدينة، منتقدة تركيز بعض المستشارين على قضايا خارج نطاق المسؤولية المحلية، وتجاهلهم للمشاكل الحقيقية التي تؤرق المواطنين.
وقد طالبت هذه الفعاليات بـتدخل عاجل من عامل عمالة فاس ووالي جهة فاس-مكناس من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، والعمل على دفع المجلس إلى الالتزام بمهامه، وفق ما يقتضيه القانون التنظيمي للجماعات الترابية.

وتبقى فاس، رغم رصيدها التاريخي والثقافي، أسيرة وضعية حضرية متدهورة، يُعطلها الصراع السياسي وسوء تدبير الشأن العام المحلي. وبين انتظارات الساكنة وصمت المسؤولين، تطرح الأسئلة بإلحاح:
من يعيد للمدينة كرامتها؟ ومن يُلزم ممثلي السكان بواجباتهم بدل الغياب والتصوير والمزايدات؟

الكرة اليوم في ملعب السلطة المحلية والمجتمع المدني، من أجل الضغط في اتجاه مجلس منسجم وفعّال، يضع مصلحة فاس فوق الحسابات السياسوية الضيقة.