متابعة : احمد الزينبي
بين جنبات جماعة بوشابل الواقعة ضمن النفوذ الترابي لإقليم تاونات، تعيش عدة دواوير في عزلة خانقة وسط غياب تام لأبسط شروط العيش الكريم، دوار أولاد الطاهر، ودوار أولاد رمضان، ودوار أولاد قدور ودوار الدحامنية، أصبحت تمثل اليوم نموذجًا صارخًا لواقع التهميش وغياب العدالة المجالية، في منطقة لا تزال خارج خرائط التنمية.
لا تزال هذه الدواوير بدون طرق معبّدة أو حتى مسالك ترابية صالحة للتنقل ، في فصل الشتاء يحوّلها إلى مناطق معزولة بالكامل، يتعذر فيها خروج المرضى، ويمتنع التلاميذ عن الالتحاق بمقاعد الدراسة بسبب الوحل ووعورة المسالك. في دوار أولاد قدور والدحامنية، العزلة مطلقة، والسيارات لا تصل إلا بصعوبة شديدة، ما يطرح سؤالًا كبيرًا حول موقع هذه المناطق من مشاريع فك العزلة التي رُصدت لها اعتمادات ضخمة.
وفي ظل غياب المؤسسات التعليمية، لا يجد أطفال هذه الدواوير طريقًا إلى التمدرس. في أولاد الطاهر وأولاد رمضان، لا توجد مدارس قريبة، ولا وسائل نقل مدرسي تضمن حق التعليم للأطفال، خاصة الفتيات اللواتي يكنّ أولى ضحايا هذا الإقصاء. والنتيجة: نسب تسرب مدرسي مرتفعة، وأجيال تنشأ في الهامش، بدون أفق واضح.
معاناة هذه الدواوير لا تقف عند حد غياب التعليم أو الطرق، بل تتعداها إلى أبسط ضروريات الحياة ، الماء الصالح للشرب ، الساكنة تعتمد في الغالب على الآبار أو الصهاريج المتنقلة التي لا تصل بانتظام. أما الربط بشبكة الماء العمومي، فبقي حلماً مؤجلاً رغم النداءات المتكررة، في ذروة الصيف، يتحوّل الماء إلى مادة نادرة، ما يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي بالمنطقة.
سكان دواوير جماعة بوشابل لم يبقَ أمامهم سوى التعبير عن غضبهم عبر الوقفات الاحتجاجية، كما حدث خلال الصيف الفارط، حيث خرجت ساكنة دوار أولاد الطاهر تطالب بتوفير الماء، الطريق، والمدرسة. لكن، كالعادة، لا شيء تحقّق على أرض الواقع. تبقى الوعود حبراً على ورق، فيما تتفاقم المعاناة يومًا بعد يوم.
ساكنة هذه الدواوير تطالب تدخل السيد عامل الإقليم السيد سيدي صلاح دحا لفك العزلة عنهم وان الوضعية الكارثية التي تعيشها هذه الدواوير تستدعي تدخلاً عاجلاً من مختلف الجهات المعنية .
فلا يُعقل في مغرب 2025 أن تبقى دواوير بأكملها بدون ماء، بدون تعليم، وبدون طريق. كما يُفترض تفعيل برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذه المناطق، وفق مقاربة تشاركية، تراعي الأولويات الحقيقية للساكنة.
هذه الدواوير، وإن كانت صغيرة على الخريطة، إلا أن سكانها مواطنون كاملو الحقوق. من حقهم العيش بكرامة، ومن حق أبنائهم التعليم، ومن واجب الجهات المسؤولة أن تصون هذا الحق وتعيد الاعتبار لهم، قبل أن يتحول الصمت إلى قطيعة، واليأس إلى نزوح.