(نيمار) يخسر الدعوى الجنحية و محكمة الاستئناف تنتصر لروح القانون

بعد مرافعة طويلة وفريدة من نوعها ومشوقة في مضمونها للأستاذ حسن شرو المحامي بهيئة فاس والمختص في القضايا الجنائية وقضايا الصحافة؛ أصدرت محكمة الاستئناف بفاس قرارها بتاريخ  خامس فبراير المنصرم بإلغاء الحكم الابتدائي القاضي بإدانة الصحفيين وبعد التصدي القول والحكم ببراءتهما من المنسوب اليهما مع عدم الاختصاص في الطلبات المدنية.

وأوضح دفاع المتهمين بان المتهمين لم يبرزوا أوجه دفاعهما ابتدائيا لتخلفهما لأسباب صحية وبني الحكم على ظاهر الوقائع المضمنة في وثائق الملف. لكن بالاستماع الى المتهمين استئنافيا تبينت حقيقة الامور وظهر جليا للمحكمة أن ما الافعال التي توبع بها المتهمان هي من صميم عملهما الصحافي وتدخل في إطار حرية العمل الصحافي عملا بالقانون وتوجهات محكمة النقض والتشريعات المقارنة.

وجاء في حيثيات القرار الاستئنافي:

وحيث إن المحكمة استدعت المتهمان لأكوار المحاكمة، وقد حضرا أطوار المحاكمة، وأجابا عن المنسوب إليهما بالإنكار، وأوضحا بأنهما مارسا عملهما كصحفيين مهنيين وفق القوانين والنزم المعمول بها، خاصة قانون الصحافة والنشر.

وحيث إن الثابت من وثائق الملف ومستنداته خاصة محضر الضابطة القضائية، أن المقالات موضوع شكاية المكالب بالحق المدني، حررها ونشرها المتهمان بجريدتهما الإلكترونية، وعلى صفحتيهما في مصة الفايسبوك، وقد أكداها وتمسكا بجميع محتواها، وقد جاءت معنونة كالتالي:

  • الة تحضير القهوة محجوزة تضع رئيس مركز الدرك بتيسة في قفص الاتهام
  • تلاميذ بتيسة يطالبون بحمايتهم من المنحرفين ويتهمون قائد المركز بتية بالتقصير
  • واقع أمني خطير تعيشه تيسة بإقليم تاونات
  • قائد مركز الدرك الملكي بتيسة في تاونات يساهم في خرق حالة الطوارئ الصحية
  • هيئات صحفية ومهنيون يقررون عقد اجتماع للرد على شطط قائد مركز الدرك الملكي بتيسة في تاونات
  • واقع خطيرة تعرفها تيسة بإقليم تاونات تستدعي تدخل القيادة العليا للدرك الملكي.. صحافيون يتعرضون للتهديد والتضييق.

وهي عناوين مقالات صحفية جاءت نتيجة جمع للأخبار والمعلومات بدائرة تيسة إقليم تاونات بطريقة مهنية، تم تحريرها في مادة إعلامية على دعامة إلكترونية، ولم تتضمن أي قدف بمفهوم المادة83 من قانونا الصحافة والنشر، والطي يتطلب فعل الاسناد وموضوع الاسناد والمسند إليه وركن العلنية بالنشر في الجريدة طبقا للفصل المذكور، وأخيرا القصد الجنائي، كما لم تتضمن أي إهانة لأي موظف عمومي، مادام مصادر الخبر (الصحفية) تبقى سرية ولا يمكن الكشف عنها إلا بمقرر قضائي، وفي حالات محددة حصرا قانونا من جهة، ومن جهة أخرى فالملف بقي عاريا من أي إثبات يفند بمقبول كل ما جاء في تلك المقالات الصحفية موضوع الشكاية، وحيث إن جريمة القذف الموجه إلى الافراد بقوم بنسبة عمل شائن يمس بشرف الشخص أو حرمته، وذلك عن طريق الخطب أو الصراخ أو التهديدات المفوه بها في الأماكن والاجتماعات العمومية، وأن الحكم المطعون فيه لم يبرز أن المتهم قذف المطالب بالحق المدني بإحدى الوسائل المشار إليها بأن نسب إليه ما يمس بشرفه أو حرمته فهو لذلك يكون ناقص التعليل ومعرضا للنقض.

قرار محكمة النقض المجلس الأعلى سابقا عدد 973 الصادر بتاريخ 09 يوليوز 1981 ملف جنائي 69833، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى الإصدار الرقمي دجنبر 2000 العدد 33-34 ص 185.

كما أنه في جرائم الصحافة فإنه لا يعد قذفا، التعبير عن الرأي ولو تضمن نقدا شخصيا، ذلك أن القدف لا يتحقق إلا بنسبة أمر واقعة معينة إلى الشخص المقذوف على سبل التأكيد، أما مجرد انتقاد شخص دون توجيه اتهام له بما يشينه فلا يعتبر قذفا، إذ هو مجرد ممارسة لحرية التعبير.

قرار محكمة النقض عدد1643/10 الصادر بتاريخ 25 نونبر 2009 ملف عدد 17917/6/10/2008، منشور في الموقع الرسمي للمجلس الأعلى للسلكة القضائية على شبكة الأنترنيت منصة القرارات القضائية.

وحيث إنه استنادا لما تم بسكه فإن العناصر التكوينية للجنح موضوع المتابعة تبقى غير قائمة، وما انتهى إله الكم المستأنف يبقى غير مصادف للصواب ويتعين إلغائه وبعد التصدي التصريح بعدم مؤاخذتهما من أجل ذلك والتصريح ببراءتهما منه.

وحيث ختم الدفاع مرافعته مشيرا إلى كون الشكاية في حد ذاتها ما هي الا تصفية حسابات بين الرئيس السابق لمركز الدرك الملكي بتيسة الملقب ب(نايمار)،  والمتهمان الصحافيان  المهنيان سعيد بقلول، ويونس لكحل، اللذان أصبحا قلما مزعجا بتيسة، خاصة بعد تنبيههما لخطر المخدرات الذي سيروح ضحيته التلاميذ، وعرج ان مرافقة المشتكي لبعض الاشخاص المدنيين ليلا في ظرفية كورونا (حالة الطوارئ الصحية) بشكل دائم من جهة وحرمان باقي المواطنين من الخروج ليلا، هو ضرب في المبدأ الدستوري(المساواة)، ووضح ان المشتكي، (نايمار)، لم يحضر للجلسة لكونه معتقلا، لأنه متابع في احدى القضايا التي لها علاقة بالاتجار بالمخدرات، وهو ما يؤكد الشبهة التي نبه اليها الصحافيان المتهمان.

وختم المحامي مرافعته والاستشهاد بمقولة شوبنهاور، التي يرمز بها الى وفاء الصحافي لوطنه، والتي سماها شوبنهاور بمقولة كلب الحراسة او الكلب الوفي، (ان الصحافي مثل كلب الحراسة ينبح كلما رأى خطرا وعلى رب البيت ان يخرج كلما سمع النباح)، وهي رمزية مهمة قصدها الوفاء، لأن الصحافي بمقاله ينبه المسؤولين الى خروقات معينة، فعليهم التصدي للتحقيق في الخارقين للقانون الذين يشكلون خطرا على المجتمع، لا التوجه الى (كلب الحراسة) الذي نبح عندما رأى الخطر، (صورة سيفهمها أولو الالباب).