موت ثقافة الحوار عند حكومة بنكيران

بقلم: الأستاذ يوسف السوحي

أكيد أن المتأمل لواقع الحياة السياسية المغربية اليوم يرى أن ثقافة الصراع انتشرت بشكل فضيع بين مجمل التيارات السياسية، بل في صفوف الأغلبية الحكومية، تزكيها وسائل الإعلام، وتجعل منها مادة دسمة لجلب القارئ واستهداف جيبه لا عقله بالدرجة الأولى، ليصبح الزمن السياسي خارج التدبير العقلاني والاستراتيجي، صراع يظهر مدى افتقار المسؤولين السياسيين والزعماء الحزبين في الأغلبية والمعارضة لثقافة الحوار، المبني على أساس الاعتراف بالطرف الأخر – أو أكثر– بالاستماع لرأيه، ومناقشته والسعي لجمع الفائدة من كلا الأطراف والوصول إلى أفضل الخلاصات والحلول للمشاكل العديدة التي يعاني منها المغرب والمغاربة ، لأن الحوار السياسي يستلزم ابتداء التسليم بوجود الأخر وحقه في صواب رأيه ومشاركة الفعل، بل هو قرين التعددية والإقرار بالتنوع الثقافي والإيديولوجي والسياسي، ولا يمكننا أن نتصور حوارا في غياب الأطراف الأخرى، لكن للأسف الشديد هذا هو واقع حكومة السيد عبد الإله بن كيران ،  التي ضربت القوة الشرائية للمواطن البسيط بإجراءات شاذة وقرارات سياسية أحادية ، لم تستشير فيها الفرقاء السياسين والاجتماعيين والاقتصاديين الآخرين، إجراءات الزيادة في الأسعار، ونظام المقايسة، وتجميد 15 المليار درهم  من الاستثمار العمومي، وإلغاء قرار توظيف المعطلين وحاملي الشهادات العليا،  وتوقيف مجموعة من البرامج الوطنية المهيكلة كالبرنامج ألاستعجالي في مجال التعليم ، كل هذا وغيره كثير، يوضح بما لا يدع مجال للشك، مدى محدودية رئيس الحكومة في تشبعه بثقافة الحوار، وإلا كيف نفسر هذه العشوائية في اتخاذ القرارات المصيرية؟ لماذا انفرط بهذه السهولة عقد الحكومة الملتحية؟ كيف نقبل هذا العنف في خطاب مكونات الأغلبية والمعارضة ؟

إن  قبول السيد بن كيران بدخول حزب  التجمع الوطني للأحرار الذي كان في المعارضة إلى الأغلبية، بعدما كان يرفض التصريح والبرنامج الحكومي، وله نقط اختلاف كثيرة معه، بل  اتهامات وصراعات  مع أمينه العام  السيد مزوار وزير المالية الأسبق،  ويمنحه عدد أكبر من الحقائب التي طالب بها أحد مكونات الأغلبية، حزب الاستقلال في شخص أمينه العام السيد أحمد شباط، لا دليل قاطع على  ارتجالية وعناد رئيس الحكومة، وعشقه لهدر الزمن السياسي المغربي، وعبثية المشهد السياسي برمته، إذ لا يعقل أن نرهن مصالح  المغرب والمغاربة  لمدة تفوق 6 أشهر في جدال سياسي عقيم، أدخل البلاد والعباد في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة، وضيق فسحة الأمل على بسطاء هذا الوطن، ممن كانوا ضحية  للخطابات الرنانة لزعيم حزب المصباح في المواسم الانتخابية، ووثقوا بوعوده العرقوبية التي قطعها على نفسه من خلال برنامجه الإنشائي، الذي تبجح  من خلاله بنسبة نمو تصل إلى 7 في المائة، وهو الذي لم يحافظ حتى على نسبة النمو السابقة 5 في المائة، ورفع مدخول محدودي الدخل إلى حدود 3000 درهم،  في الوقت الذي حقق السبق في تاريخ الزيادة في الأسعار التي اكتوى بنارها المواطن البسيط، وإدعائه بخلق فرص الشغل و تنمية الرواج الاقتصادي، في الوقت الذي وصلت الأزمة إلى درجة اللون البرتقالي ..

إن غياب  التجربة الميدانية لحزب العدالة والتنمية على مستوى قيادة  مؤسسات الدولة،  وقلة الكفاءات المتمرسة على تدبير  الملفات الكبرى،  أثر بشكل سلبي على الأداء الحكومي، وأظهر نوع من الهواية في تسيير وتدبير الشأن العام، الشيء الذي انعكس سلبا على  شعبيته ومصداقية خطابه السياسي، وصورته لدا المغاربة.