متابعة : احمد الزينبي
تشهد الساحة السياسية في مدينة وجدة تطورًا مثيرًا، قد يشكل بداية نهاية لهيمنة حزب الأصالة والمعاصرة في المنطقة، بعدما تفاقمت الصراعات الداخلية وتحولت هياكل الحزب إلى حلبة مفتوحة لتصفية الحسابات الشخصية، ما عجّل بخروج عدد من قياداته ومناضليه نحو أفق سياسي جديد.
الوجهة هذه المرة لم تكن الحزبين الكلاسيكيين كما جرت العادة، بل جاءت المفاجأة من خلال التحاق جماعي بعدد من المنشقين بالحزب الوطني الديمقراطي، في تحرك من شأنه أن يعيد ترتيب الأوراق السياسية بجهة الشرق، ويصنع واقعًا انتخابيًا مختلفًا كليًا في استحقاقات 2026.
المشهد في حزب الأصالة والمعاصرة بوجدة لم يعد يخضع للقراءة العادية؛ فالحزب الذي كان إلى وقت قريب يحتل صدارة المشهد الانتخابي، أصبح اليوم يعيش عزلة داخلية غير مسبوقة، بفعل انقسامات عمودية، وصراعات نفوذ بين قياداته، دفعت بمناضلين وازنين إلى مغادرة صفوفه في صمت أو مواجهة، بعدما تحوّل الحزب إلى ما يشبه “مسرحًا لتصفية الحسابات“.
هذه الأوضاع المتأزمة دفعت بالكثيرين إلى البحث عن مواقع سياسية بديلة، أكثر هدوءًا وتنظيمًا، في مقدمتها الحزب الوطني الديمقراطي الذي عقد السبت 27 شتنبر 2025 اجتماعًا بارزًا بمدينة وجدة، حضره الأمين العام للحزب الدكتور خالد البقالي، إلى جانب شخصيات وازنة التحق بعضها مؤخرًا بالحزب، وعلى رأسهم نور الدين الحارثي، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة سابقًا، ومستشار رئيس جهة الشرق الأسبق.
هذا الاجتماع لم يكن مجرد لقاء تنظيمي روتيني، بل حمل دلالات سياسية عميقة، خاصة مع الرمزية الثقيلة للموقعين الجدد، الذين كانوا في وقت قريب ضمن دعامات البام في وجدة، ويمتلكون كتلاً انتخابية مؤثرة.
خلال الاجتماع، تم التأكيد على توجهات جديدة للحزب في الجهة، شملت، الانفتاح على الكفاءات والتشجيع على الالتزام السياسي المبني على النزاهة والاستقامة؛ تثمين جهود والي جهة الشرق في تنمية المدينة، وربط العمل الحزبي بالفعل التنموي؛ والاستعداد الجاد للاستحقاقات المقبلة من موقع فاعل وليس تابع، عبر إعادة تشكيل المشهد الانتخابي.
في مقابل هذا الزحف نحو الحزب الوطني الديمقراطي، دخل حزب الاستقلال على الخط هو الآخر، باحثًا عن اقتناص ما تبقى من الوجوه “البامية” ذات الشعبية في وجدة، ما يعكس هشاشة الوضع داخل حزب الأصالة والمعاصرة الذي فقد بوصلته، وبدأ أعضاؤه في البحث عن مظلات سياسية بديلة لحماية رصيدهم الشعبي.
التحركات الأخيرة، والالتحاقات الجماعية، لا تترك مجالًا كبيرًا للتفاؤل بمستقبل “البام” في وجدة، وإذا استمرت الانشقاقات على هذا المنوال، فسيكون من الصعب جدًا إعادة بناء التنظيم المحلي للحزب قبل الانتخابات المقبلة.
والسؤال الذي بدأ يتردد في أوساط المتتبعين هو: هل يعيش حزب الأصالة والمعاصرة في وجدة لحظاته الأخيرة؟
أم هل يمكن للقيادة الوطنية أن تتدخل قبل فوات الأوان؟
في ظل كل هذه التحركات، يبدو أن الخريطة السياسية في جهة الشرق، وبالخصوص في مدينة وجدة، مقبلة على تحول جذري. فالأحزاب لم تعد تتعامل مع الانتخابات كصندوق مفاجآت، بل تستبقها بإعادة التموضع، وجذب الأسماء الوازنة، وتحقيق نوع من التوازن الداخلي قبل خوض غمار المنافسة.
وما حصل يوم السبت 27 شتنبر 2025 في وجدة، ليس مجرد اجتماع حزبي.. بل قد يكون، ببساطة، بداية النهاية لحزب، وبداية صعود حزب آخر.