مسيرة الوحدة الوطنية: الجماعة والجمعية خارج الإجماع الوطني

جواد حاضي

خرج أكثر من ثلاثة ملايين مغربي في مسيرة حاشدة بمدينة الرباط، صباح أمس الأحد، للتنديد بالانزلاقات اللفظية للأمين العام للأمم المتحدة         بان كي مون خلال زيارته الأخيرة لمخيمات تندوف.  وخلف هذه المسيرة المليونية، كانت ملايين أخرى من المغاربة تلبي نداء الوطن في باقي المدن المغربية، بعواطف حُبلى بالمشاعر الوطنية، ومُفعمة بالتضحية في سبيل الدفاع عن كل شبر من هذا الوطن العزيز.

لكن اللافت هو تخلف جماعة العدل والإحسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن المشاركة في هذه المسيرة الوطنية، بل إن منهم من أخذته العزة بالإثم، وانبرى يكيل الاتهامات لمنظمي المسيرة والمشاركين فيها، ويعتبرها “كرنفالا” بمفهومه القدحي وليس الاستعراضي.

المثير في موقف الجماعة والجمعية أنهما كانا أحرص الجهات على الخروج إلى الشارع في مسيرات استعراضية، بسبب أو بدون سبب. فمرة يناصرون شعوبا عربية، ومرة أخرى ينددون بعدوان أجنبي على دولة إسلامية، وفي أحيان أخرى يتدافعون نحو الشوارع العامة من أجل قضايا خارجية لا تتصل بهموم الوطن وانشغالات المواطنين.  وأمام الامتحان الكبير، امتحان الدفاع عن الوطن ونصره قضاياه الأساسية، أخلف الإخوة والرفاق الموعد، فتناسلت الأسئلة وكثرت الاستفاهامات حول هذا الموقف الشاذ في سياق الإجماع الوطني !

ويرى المتتبعون أن هناك عدة سيناريوهات لغياب جماعة العدل والإحسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن المسيرة الوطنية لدعم الوحدة الترابية، تتمثل إجمالا فيما يلي:

  1. 1.  غياب المبادرة: فالجماعة والجمعية اعتادا الانفراد بالمبادرات الداعية للمسيرات الاستعراضية لمناصرة بعض القضايا القومية، حيث كانا يتكلفان بالدعوة لهذه المسيرات من أجل الترويج الإعلامي، والاصطفاف الوهمي في خانة المدافعين عن القضايا التي تمس مشاعر المغاربة، بيد أنه في مسيرة “نصرة الوطن”، غابت المبادرة وغابت معها تمثيلية الجماعة والجمعية؛
  2. ضعف التمثيلية: فخروج الجماعة والجمعية في مسيرة مليونية، محسوبة على الشعب، معناه ذوبان وانصهار فصيلهما في موجة المواطنين الغاضبين من تصريحات بان كي مون، وبالتالي غياب البهرجة التي يبحث عنها الإخوة والرفاق في وقفاتهم الافتراضية؛
  3. تباين الأولويات: فحب الوطن، والدفاع عن وحدته الترابية، بالنسبة للمغاربة هو في قائمة الأولويات، ومعطى مصيري بالنسبة للجميع، بعيدا عن الحسابات السياسية والعقائدية والقبلية وغيرها. أما بالنسبة للموقف الأخير للجماعة والجمعية بعدم المشاركة في مسيرة نصرة الوطن، وهنا لا نُخوّن أحدا، ولا نتهم أحدا في وطنيته، فإن الباب يبقى مُشْرَعاً أمام عدة تأويلات، وأمام شكوك كبيرة، تدفعنا إلى البحث عن موقع الوطن في عقيدة مريدي الجماعة ورفاق الجمعية؟

وبغض النظر عن مشاركة الإخوة والرفاق من عدمها في هذه المسيرة المليونية، سيبقى يوم 13 مارس 2016 حافلا في وجدان المغاربة، لأنه جعل صوت الشعب يخرق مسامع العالم، مرددا عبارة مليئة بالمعاني الوطنية ” المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها”.