صارت دول العالم تُشيد بقدرات المغرب على التصدي للهجمات الإرهابية، بل وتستعين بتجاربه في تفكيك عشرات من الخلايا الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، في إطار يقظة عناصره الأمنية والاستخباراتية وسياسته الاستباقية، مقابل ما اعتبره مُواطنون “إحساسا عاما بانعدام الأمن في عدد من المدن المغربية، التي باتت بؤرا للسرقة والاعتداءات”.
عدد من المدن المغربية كفاس وسلا والدار البيضاء والقنيطرة وطنجة، وغيرها، صارت نقطا سوداء للإجرام والاعتداءات، التي وصلت إلى حد تخريب الممتلكات الخاصة، وتهشيم السيارات، واقتحام المؤسسات التعليمية، وبات سكانها تحت رحمة سواطير وسيوف و”جْناوا” وكلاب “بيتبول”، تستهدف النساء كما الرجال، مقابل هاتف نقال أو خاتم ذهبي، أو مبلغ نقدي زهيد، رغم الحملات الأمنية والدوريات الليلية.
الدكتور ابراهيم حمداوي، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، ثمن المجهودات التي تقوم بها المملكة للتصدي للعنف بكل أنواعه، خاصة خلال العقدين الأخيرين، موضحا أن “المغرب قام بخطوات أمنية واقتصادي وتربوية ودينية وثقافية مهمة، بغية الحد من الظاهرة، ونجح فيها”.
وأوضح صاحب كتاب “الجريمة في المجتمع المغربي”، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأحداث العالمية الكبرى التي طغت على الشارع، من قبيل محاربة الإرهاب العالمي، وتداعيات ما سمي “الربيع العربي”، ألقت بظلالها وأبعدت موضوع الجريمة عن الواجهة”، مشيرا إلى أن “هذه القضية عادية وموجودة منذ القدم، وفي أرقى المجتمعات بطرق مختلفة”.
وأشار الأستاذ الجامعي ذاته إلى أنه “لا يمكن التحدث عن غياب شامل وتام للإرهاب والإجرام داخل أي مجتمع كان”، موضحا أن “المشكل يكمن في أن عامة الناس حين يسمعون بجريمة ما يعتقدون أن هناك انفلاتا أمنيا أو غيابا للتحكم في مجريات الأمور، وهذا الأمر غير صحيح”، متابعا: “هناك حالات من السرقات والاعتداءات داخل المجتمع المغربي، تزيد أو تنقض حدتها حسب المدن، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها حالة من اللاَّ أمن”، يقول المتحدث.
وذهب المتحدث ذاته إلى التأكيد أن هوامش المدن تشكل استثناء بسبب عدم قدرة الشباب على الاندماج الاجتماعي أو الاقتصادي؛ كما تضم نسبة هدر مدرسي مرتفعة، فضلا عن التأثير “السوسيو اجتماعي” في الناشئين، إذ إن انتشار المخدرات والعنف والنشل والسرقة يدفعهم إلى محاكاة ما يرونه أمامهم، زيادة على تأثير الانفتاح على السوق العالمية التي تعرض كثيرا من المنتجات التي تفوق قدراتهم المالية والاقتصادية، فيعملون على اللجوء إلى طرق غير مشروعة للتحصل عليها.
من جهة أخرى، أكد مصدر أمني للجريدة أنه من الخطأ الحديث عن عدم وجود الأمن بالمدن المغربية، مؤكدا أن “الأمر يتعلق بإحساس بانعدام الأمن”، وموضحا أن “هناك أياد خفية تعمل على ترويج وتضخيم عدد من الوقائع”، قائلا: “بعض المواطنين يتناقلون أخبارا مبالغا فيها، ما يذكي ذاك الإحساس، رغم تمكنهم من الخروج إلى الشارع وقضاء مآربهم، وتمكن أبنائهم من التنقل نحو المدارس دون أن يصابوا بأي سوء…”.
وسرد المصدر ذاته عددا من الأمثلة الدالة على تضخيم الأحداث، ومنها أن هروب مراهقين من منزلهما يتم ترويجه على أنه يتعلق باختطاف، أو أن مشاحنات بين شباب من منطقتين مختلفتين يتم التأكيد على أنه صراع بين عصابات تعتدي على المواطنين.