أثارت محاولة اقتحام مقر موقع “برلمان.كوم” بحي أكدال بالرباط، من طرف لجنة تابعة لولاية الجهة مدعومة بالقوات العمومية، صباح الخميس 18 شتنبر 2025، موجة استغراب وتساؤلات حول طبيعة العلاقة بين السلطات المحلية والمؤسسات الإعلامية، وفتحت الباب مجددًا للنقاش حول حدود تدخل الإدارة في محيط المقاولات الصحفية.
العملية، التي بررتها اللجنة بوجود ما أسمته “مخالفة في التعمير”، جاءت بعد زيارة سابقة لنفس المكان، من طرف قائد المقاطعة وأعوانه، عاينوا خلالها الأشغال الجارية، والتي لم تكن سوى عملية صباغة داخلية، ليغادروا حينها الموقع دون تسجيل أي ملاحظات قانونية، بل وقدموا اعتذارهم، حسب إفادة مصادر من داخل المؤسسة الإعلامية.
إلا أن ما حدث بعد يومين فقط، اعتُبر مفاجئًا وغير مبرر قانونيًا. فقد عادت اللجنة مجددًا، وهذه المرة بشكل تصعيدي، وتمت محاولة حجز عدد من معدات ومواد الصباغة، رغم أن الأشغال كانت قد توقفت منذ الزيارة الأولى، مما جعل المؤسسة الإعلامية تعتبر الأمر “غير مفهوم” ويطرح علامات استفهام بشأن خلفياته.
في هذا السياق، أكد الأستاذ حسن شرو، محامي موقع “برلمان.كوم”، أن التدخل يفتقد للسند القانوني، ويشكّل في جوهره “شططًا في استعمال السلطة”، مستندًا إلى مقتضيات قانون التعمير المغربي، وخاصة القانون رقم 12.90، الذي يُحدد بوضوح نوع الأشغال التي تستوجب ترخيصًا مسبقًا.
وحسب ما أوضحه المحامي، فإن أعمال الصباغة والديكور الداخلي، مثل طلاء الجدران أو تزيين الأسقف، لا تُعد من بين الأشغال الخاضعة لترخيص، ما دامت لا تمس الهيكل الخارجي للبناء، ولا تغيّر من واجهته أو تصميمه العمراني. ويضيف الأستاذ شرو أن ما تم حجزه هو أدوات مرتبطة بأشغال تجميل داخلية، ولا تُبرر أي تدخل من هذا القبيل.
الأستاذ شرو أشار أيضًا إلى أن الخطأ قد يكون ناتجًا عن سوء فهم قانوني، خاصة أن هناك حالات استثنائية تفرض الحصول على ترخيص، مثل التعامل مع مبانٍ مصنفة تراثية أو خاضعة لمخططات تقييدية خاصة، وهو ما لا ينطبق إطلاقًا على مقر المؤسسة الإعلامية المعنية.
وفي ختام تصريحه، عبّر الأستاذ شرو عن أمله في أن لا يكون لهذا التدخل خلفية تتعلق بالتضييق على حرية التعبير أو محاولة التأثير على استقلالية المؤسسة الصحفية، مؤكدًا أن “مكتسبات دستور 2011 واضحة في حماية حرية الصحافة والتعبير”، وأن أي خلاف أو تجاوز يُفترض أن يُعرض على أنظار القضاء، باعتباره الفيصل في دولة الحق والقانون.
وتجدر الإشارة إلى أن موقع “برلمان.كوم” من المنابر الإعلامية المعروفة بمتابعة الشأن السياسي والحقوقي الوطني، ما يزيد من حساسية التعامل مع مثل هذه القضايا، ويضع على طاولة النقاش مجددًا ملف العلاقة بين الإدارة والمقاولة الصحفية، وحدود تدخل السلطة في الفضاء الإعلامي.