فاطمة سعدي، شقت طريقها نحو آفاق واعدة، وطموح لاينتهي، بعد دراستها الجامعية في كل من جامعة محمد بن عبد الله بفاس، وجامعة محمد الأول بوجدة، لتحصل على شهادة الإجازة، وبعدها نالت دبلوم الدراسات العليا المعمقة من جامعة محمد الخامس بالرباط.
لتبدأ مشوارها الإجتماعي، عبر الممارسة والإحتكاك بالطبقة الحقيقية لساكنة إقليم الحسيمة، ومعايشة معاناتهم خاصة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، حيث انخرطت في العمل الجمعوي الجاد، من خلال مساهمتها في تسيير وتدبير مؤسسة جمعوية ذات صيت دولي، وتجربة فريدة ممتدة في الإقليم عبر مراكز للتربية والتكوين، وبرامج واعدة راكمت نتائج ملموسة في مجالات مختلفة، تقلدت “السعدي” داخلها مهام محورية بوعي نابع من حسها الإنساني المرهف، وفهمها العميق للواقع المتنوع والمتغير، ولسياقه الإجتماعي والثقافي.
لقد دخلت فاطمة السعدي، إبنة مدينة الحسيمة، المرأة الريفية الأولى، دواليب السياسة بالإنتماء إلى حزب الأصالة والمعاصرة في الفترة الأولى من تأسيسه، وتحديدا سنة 2008، كما كانت من المؤيدات والداعمات لحركة كل الديمقراطيين، التي إنطلقت من أجل إنعاش السياسة والتفكير بجد، بخصوص تقرير الخمسينيات، الذي أعطى نظرة شاملة حول مناحي عدة بالمغرب.
لفتت الإنتباه، وسلِّطت عليها الأضواء، لتمكنها من أساليب التفاوض والتواصل والإقناع، وتمكنها من أساليب التواصل البليغ والفصيح خاصة باللغة العربية، فيقال عنها أنها عندما تتحدث “فاطمة”، الكل يستمع إليها، كما تتميز بنظرة ثاقبة لسير الأمور والتنبؤ بالنتائج.
مسار “فاطمة السعدي”، حافل بالعطاء ومخضرم، ومتشعب لأقصى الدرجات، حيث أن دمج التكوين الجامعي العالي، الاعلاميات، التدرج الوظيفي، العمل الجمعوي، والسياسة، صنع منها المرأة الحديدية، وفي نفس الوقت زجّ بها في أتون التدافع السياسي، مع منافسين شرسين مستعملين لجميع الأساليب المعهودة.
لقد دخلت “فاطمة السعدي” غمار الإنتخابات الجماعية سنة 2009، بلون الأصالة والمعاصرة، كأول إمرأة ريفية، تخوض غمار المنافسة، رغم تردد عائلتها المحافضة كجميع العائلات الريفية الأصيلة أنذاك، ليتم إنتخابها عضوة بالمجلس الجماعي، ومن ثم رئيسة بلدية الحسيمة سنة 2009 لتحقق التفرد، بأن تكون أول إمرأة ريفية على رأس مجلس بلدي حضري.
فاستحقاق الرئاسة، مكنها من تسيير وتدبير المجلس البلدي لأول مرة، برؤية ومنهجية جديدة، وغلق منابر الفساد، والحد من العبثية والإستهتار، والقطع مع الولاء الإنتخابي من أجل المصلحة، فالكل سواسية عندها، وهي سمات لتجربة يتمنى الكل عودتها ليعود الشأن المحلي ذو معنى ومصداقية باعتراف من أفواه معارضيها ومناصريها على حد سواء.
فبالمثابرة والإجتهاد وحسّ المسؤولية، تبوأت “فاطمة السعدي”، مناصب عدة في دهاليز الإدارة العمومية والسياسة، فقد حازت على عضوية مستشارة جهوية بمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، منذ سنة 2015 عن جدارة واستحقاق، أمام المنافسة القوية، والتعديل الجهوي الجديد.
ولم تقف “فاطمة السعدي”، ذات العائلة المرموقة بالإقليم عند هذا الحد، بل إختارت أن تسلك طريقا موازيا لإخوانها الذكور، الأساتذة والدكاترة الجامعيين، بأن تلج قبة البرلمان كنائبة برلمانية سنة 2016، وتشتغل وتكتسب مهارات وتجارب داخل اللجان بالبرلمان.
ولم تستسلم أو تفشل كما فعل بعض زملائها الرجال، الذين إستكانوا للخوف من مغبة السقوط، ونظرة المجتمع الشامتة، بل عادت، و بكل قوة وثبات، لتكمل مسيرة خدمة مدينتها الحسيمة، لتكون العين المراقبة، على سير المجلس البلدي الحديث، وتحتفظ لها بكرسي داخله من جانب المعارضة.
كما أنها بالموازاة مع ذلك، تقلدت مهمة نائبة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، والتنقل عبر ربوع الوطن من أجل التأطير والإستقطاب، لتصبح بعدها عضوة ضمن القيادة الثلاثية للحزب، لتتابع مسيرتها في مشهد سياسي، يطبعه التعقيد وتتخلله التحولات و التحديات.
مسار حافل، وتدرج ثابت الخطى، أنها المرأة الخدومة، الشجاعة، التي يتطلع إليها المواطن من أجل الترافع عن مصالحه، لإيمانه بمقدرتها على التأثير والتغيير، بفضل مصداقيتها وتجاربها المختلفة، ما يجعلها اليوم من القيادات التي يراهَن عليها في المستقبل، من باب الوزارة أو السفارة.
بقلم : بوكلاطة عبد الصمد
