متابعة : رضوان البقالي
في مشهد مؤثر يجسد روح التضامن والتآزر، أقدم سكان ثلاثة دواوير تابعة لإقليمي تاونات وتازة، وهي: أجبابرة العليا، وبرارين، وأرضاونة، على مبادرة ذاتية لإصلاح المسلك الطرقي الوحيد الذي يربطهم بالطريق الرئيسية، بعد سنوات طويلة من التهميش والعزلة الخانقة، خاصة في فترات الشتاء التي تتحول فيها المنطقة إلى جزيرة معزولة تمامًا عن العالم الخارجي.
ويمتد المسلك الطرقي الذي يربط الطريق الرئيسية (الكودرون) بدوار أرضاونة على مسافة تقارب 6 كيلومترات، مرورًا بدوار أجبابرة العليا التابع لجماعة أجبابرة، ودوار برارين التابع لجماعة الورتزاغ.
هذا المسلك الطرقي تم فتحه لأول مرة سنة 1980، وشهد أول وآخر عملية ترميل من طرف الجهات المسؤولة سنة 2004. ومنذ ذلك التاريخ، تُرك الطريق لمصيره، تتقاذفه الأمطار والسيول، وتنهشه الحفر والانجرافات، حتى أصبح اليوم نقطة سوداء حقيقية في المنطقة، تسجل سنويًا عدداً من الحوادث التي تهدد حياة مستعمليه.
ومع كل موسم أمطار، تتكرر المعاناة نفسها: تتعطل حركة السير بشكل كامل، وتنقطع الدواوير الثلاثة عن المرافق الأساسية من مستشفى ومؤسسات تعليمية وأسواق. يجد السكان أنفسهم عاجزين عن نقل مرضاهم أو تلاميذهم، وتتحول أبسط تنقلاتهم إلى رحلات محفوفة بالمخاطر.
ورغم أن الساكنة راسلت الجهات المسؤولة والسلطات المحلية منذ سنة 2016، مطالبة بإصلاح الطريق ورفع العزلة، إلا أن الوعود ظلت حبيسة الأدراج، ولم يُسجل أي تدخل فعلي لتحسين الوضع.
وأمام هذا التجاهل الطويل، قرر السكان هذه السنة الاعتماد على أنفسهم، فقاموا يوم الأحد الماضي بتنظيم حملة تضامنية لإصلاح المسلك الطرقي بأيديهم، وجمعوا مساهمات مالية بسيطة من المحسنين وأبناء المنطقة داخل الوطن وخارجه، لتوفير ما يلزم من آليات ومواد ترابية لردم الحفر وإصلاح النقاط السوداء الأكثر خطورة.
من خلال هذه المبادرة، توجه الساكنة نداءً عاجلاً إلى المسؤولين على الصعيد المحلي والإقليمي والوطني، وعلى رأسهم وزارة التجهيز والماء، ووزارة الداخلية، والمجالس المنتخبة، من أجل التدخل السريع لإصلاح هذا المسلك الحيوي الذي يمثل الشريان الوحيد لآلاف المواطنين.

فالمطلوب اليوم ليس فقط رد الاعتبار للطريق، بل أيضًا إنصاف منطقة ظلت خارج خريطة التنمية لسنوات طويلة، رغم ما تزخر به من طاقات بشرية وإمكانيات فلاحية يمكن أن تساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي لو توفرت لها البنيات الأساسية.
ورغم كل الإكراهات، يظل سكان أجبابرة العليا، وبرارين، وأرضاونة متشبثين بالأمل في أن تجد صرختهم هذه صدى لدى المسؤولين، وأن تتحول مبادرتهم المتواضعة إلى بداية حقيقية لمسار تنموي جديد يعيد الثقة في مؤسسات الدولة ويكرس قيم العدالة المجالية.

 
             
             
                                    