حرف تيفيناغ على الزرابي .. توظيف حافظ على خط الأمازيغ

تزخر الزربية المغربية، لاسيما منها الأمازيغية، بعدة ألوان حية وزاهية، وأشكال هندسية مرصوصة، ورموز لها حمولة ثقافية وهوياتية، أبرزها حرف تيفيناغ الذي تضطلع النساء بدور رائد في الحفاظ عليه، وذلك من خلال توظيفه في تزيين هذه الزربية بشكل لا يخلو من الروعة.

هذه الخصائص مجتمعة تجعل الزربية الامازيغية العريقة تتميز عن الزرابي التي تنسج في مناطق أخرى من العالم، غير أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية، التي فرضت نفسها على مسار إنتاجها والترويج لها، تقتضي اعتماد مقاربات ومبادرات من أجل الحفاظ على هذا الموروث الثقافي الأصيل، وضمان استمراريته، ونقله إلى الأجيال الجديدة من الحرفيات والحرفيين.

وفي هذا الصدد، قالت خديجة عزيز، بصفتها إطارا في قسم التواصل بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن حضور رموز وأشكال حرف تيفيناغ في الزربية المغربية يعطيها خاصية مميزة عن نظيراتها في العالم، فسواء تعلق الأمر بالألوان أو بالأشكال الهندسية، أو باللمسات الفنية والجمالية، تظل هذه الزربية حاملة لعناصر الخصوصية الحضارية للمغرب وشمال إفريقيا.

وأضافت عزيز، في تصريح صحفي، أن هذه الميزة جعلت الزربية المغربية تخوض المنافسة في المعارض والأروقة الدولية، داعية إلى تشجيع المشتغلين في هذا القطاع وتحفيزهم من أجل الرقي بالمنتوج.

وذكرت أنه بالرغم من كون حروف تيفيناغ ظلت محفوظة في النقوش الصخرية منذ قرون طويلة، أكثر مما تم استعمالها بشكل واسع في الكتابة، إلا أنها استمرت في الحضور عبر الكثير من عناصر الثقافة المادية، كالزربية والهندسة المعمارية، والحناء والوشم، وذلك بأشكال تتناسب مع حاجات الزخرفة البسيطة التي يتداولها المجتمع الأمازيغي.

من جهتها، قالت صفية إمينوطراس، رئيسة “تعاونية إزناكن النسوية للزربية الأصيلة” بمنطقة تازناخت، التابعة لاقليم ورزازات، إن زربية المنطقة، المعروفة باسم الزربية القروية الأمازيغية، والمصنوعة من الصوف والألوان الطبيعة، تتكون من عدة أشكال .. منها الزربية الواوزكيتية، والكلاوية، والمزربي، وأخنيف، مشيرة إلى أن كل هذه الأنماط لها حمولة ثقافية أمازيغية من حيث الألوان والشكل والزخرفة.

وأضافت أن الأشكال التي تزين الزربية الأمازيغية تكتسي معاني ودلالات، إذ شكلت هذه الزربية، في الماضي بالمنطقة، وسيلة للتواصل بين أفراد الأسرة، لاسيما بين النساء اللواتي لهن دراية كبيرة في فك الألغاز التي تتضمنها الكتابات والرموز المشكلة لهذه الزربية، علما بأن اللغة الأمازيغية تظل لغة التواصل الرئيسية بين السكان.

أما فاظمة جواد، وهي عضو بنفس التعاونية، فقد قالت إن حرفة نسج الزرابي، التي تتوارثها الفتيات عن الأمهات، جيلا بعد جيل، تعتبر متنفسا للإبداع لدى المرأة الامازيغية التي تستغل وقت فراغها في النسيج، مشبهة الزربية المغربية باللوحة التشكيلية. وزادت فاظمة: “المرأة الأمازيغية النساجة بمثابة فنان تشكيلي، إذ توظف حرف تيفيناغ للتعبير عن هويتها الأمازيغية الأصيلة”.

ومن أجل الحفاظ على هذا الموروث، وضمان ديمومته، دعت خديجة عزيز إلى تعزيز برامج عمل وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ووزارة الثقافة، بالنظر إلى مهامهما في توفير الشروط الضرورية المشجعة للصناعات المادية التراثية، خاصة تلك المرتبطة بالتكوين والتأطير للعاملين في هذا المجال، لكي يحافظوا على عناصر الخصوصية المغربية الأصيلة في عملهم، وحتى يتم تجنيبهم التأثيرات السلبية للعولمة الثقافية، وتمكينهم من استيعاب متطلبات العصر.

كما أبرزت المتحدثة الدور المنوط بقطاع التربية، في التعريف بخصائص حرف تيفيناغ، وتوظيفاته في الزربية والمنشآت المعمارية، لدى التلاميذ والطلبة، من خلال إدراجه في المقررات الدراسية، وبالتالي منحهم فرصة الربط بين الجذور العميقة للحضارة المغربية، والحاضر المليء بتحديات كثيرة في هذا المجال.