أثار حرق نشطاء أمازيغ، أول أمس السبت بمدينة أكادير، صور رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مندد بالفعل، وبين من اعتبر أن المعطى تحصيل حاصل لـ”شعبوية” رئيس الحكومة، ونكته “البايخة”.
حديث بنكيران خلال الأسبوع الماضي أمام المنتسبين لحزبه، وسؤاله لهم “السُّوسِي بْشْحَال كَيْعِيشْ؟”، جر عليه غضب “سواسة”، الذين انبروا على مواقع التواصل الاجتماعي لتقريع رئيس السلطة التنفيذية ومطالبته بالاستقالة، واتهامه بالعنصرية والتفرقة بين أبناء البلد الواحد، والتهكم عليهم.
وقفة أكادير، التي لمّت الغاضبين من بنكيران، عرفت ترديد شعارات مطالبة برحيل رئيس الحكومة، متهمين إياه بـ”الحقد على الأمازيغ”، وبأنه “غير مسؤول”، كما وجّهوا اتهامات للمنتمين إلى حزب العدالة والتنمية باستهداف “سواسة”، مذكرين بنكتة سابقة لأبي زيد المقرئ الإدريسي، والتي جرت عليه سابقا سيلا من الانتقادات، أجبرته على الاعتذار وتوضيح ما اعتبره “سوء فهم”.
ولم تنته “وقفة أكادير” برفع صور بنكيران وترديد شعارات مناوئة له فقط، بل امتدت إلى حرق صوره والدوس عليها بالاقدام، ما اعتبره “فايسبوكيون” وسياسيون “غير مقبول”، دون أن يفوتهم إبداء الرفض، أيضا، لما تفوه به بنكيران في حق “أهل سوس”؛ فيما نوّه آخرون بما جرى في أكادير قبل يومين، داعين إلى تفعيله في جميع المدن المغربية، وكذا خارج الوطن، لإجبار “كبير المصباح” على الاعتذار.
الرافضون لحرق صور رئيس الحكومة، وخصوصا المنتمون منهم إلى حزب عبد الإله بنكيران، انبروا على موقع التواصل الاجتماعي لتوجيه النقد للناشط الأمازيغي منير كجي، وهو الذي ظهر في توثيقات بصرية يشعل النيران في صور الأمين العام لتنظيم منتقديه، الذين أعادوا نشر صور من الأرشيف للناشط كجي أثناء زيارته إلى إسرائيل، متهمين إياه بالتعامل مع الكيان الصهيوني.
وتفاعلا مع ذلك قال منير كجي: “شعوري الآن هو السخرية والضحك من الحملة المسعورة لكتائب وأزلام الإسلاميين والقوميين العرب على إثر حرق صورة رئيس الحكومة أمام المكتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بأكادير.. أقولها وأكررها: لن أعتذر، وعلى السيد بنكيران أن يعتذر للأمازيغيين أمام إهاناته العديدة والمتهورة.. حملتكم لن تنال منا شيئا.. وللحديث بقية”، وفق تعبيره.
وأضاف كجي، في تصريح لهسبريس: “بنكيران أحرق آمال المغاربة جميعهم قبل أن نحرق صوره نحن، وكثيرون أبدوا تعاطفهم مع ما قمنا به، وهم يؤيدون ذلك، وأؤكد أننا لن نعتذر أبدا”. وزاد منير، موجها كلامه لمنتقديه، وناشري صوره: “تْبْعُوا مُنير كجي ونْشُوفُو شْكُون يْعْيَا”.
أما عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال المعارض، فاعتبر أن ما قاله رئيس الحكومة مرفوض، وقال معلقا على الواقعة: “ما تلفظ به بنكيران عن السوسي مرفوض بكل تأكيد، لكن حرق صوره أمر لا يمكن أن يقابل، أيضا، سوى بالرفض المماثل، لأن العنف الرمزي هو الطريق المباشر إلى العنف المادي، وهو تغطية غير مقصودة للفعل الأصلي، لهذا وجب على رئيس الحكومة، مستقبلا، الحذر الشديد من الخوض في قضايا جد عميقة بسطحية مبالغ فيها، تستفز الغرائز قبل أن تستفز العقل”.
جدير بالذكر أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لم يستطع إخفاء تأثره الكبير من حرق صوره، خلال شهر غشت من العام 2010، حين جرى ذلك على أيدي شباب من حركة 20 فبراير، في مسيرة نظموها بمدينة تيفلت، وقال وقتها/ “بْقَّا فِيَا الْحَال، ولكن الإنسان في السياسة خَاصُّو يكون مْهَيَأ ويتحمل هاذ الشي”، قبل أن يضيف: “إلى بْغَاوْ يْحْرْقُو صُوَرِي آش غاَنْدِيرْ ليهُم؟”.