تتبع الأخبار في حادثة الإفك المفترى على بنحماد وفاطمة النجار

مصطفى الحسناوي

حادثة الإفك في إطارها الصحيح

قبل استعراض المواقف وردود الأفعال٬ الصادرة عن مختلف الطيف الفكري والسياسي والإيديولوجي المغربي٬ من حادثة الإفك المفترى على الدكتور مولاي عمر بن حماد والأستاذة فاطمة النجار٬ وتتبع أخبارها. أود بداية أن أضعها في إطارها الصحيح٬ دفعا للتشويش الذي أحاطها وغلفها٬ بسبب قوة الإعلام العلماني المغرض٬ فانطلت الحيلة ليس فقط على سذج الناس من المواطنين الذين يصدقون كل مايصدر عن الإعلام٬ بل حتى على أبناء التيار الإسلامي للأسف الشديد. فأقول بداية٬ محاولا تبسيط العبارة ما أمكن٬ بغرض التنبيه ورفع الوعي وتصحيحا لبعض المفاهيم:

لاينبغي الترويج للقضية والدفاع عنها في إطار الحريات الفردية٬ لأن الشخصين ليسا خليلين أو عشيقين٬ والانجرار وراء هذه المقاربة٬ ضرب لمبدء وأصل من أصول الحركة الإسلامية٬ واستدراج لها للعب في مربع التيار الحداثي العلماني٬ والترويج لأطروحته دون شعور٬ وتسليم واستسلام في نقطة من نقط الخلاف بين التيارين.

لا يتعلق الأمر بزواج عرفي٬ إذ لا وجود لهذا الزواج إلا في الأفلام المصرية٬ وصورته أن تزوج المرأة نفسها للرجل دون شهود٬ كما حدث مع الأستاذين عصيد ومليكة مزان. أما في قضيتنا هذه٬ فالأمر يتعلق بزواج شرعي كامل الأركان والشروط٬ من إيجاب وقبول وصداق وشهود، ولم يتم توثيقه مدنيا فقط٬ ولأسباب عائلية٬ كما أكد لنا الدكتور محمد بولوز عضو اللجنة المركزية سابقا، في حركة التوحيد والإصلاح، في اتصال هاتفي. وهذا الزواج جار بع العمل في عدد من مناطق المغرب٬ ولازالت الدولة لم تستطع التغلب عليه٬ وتؤجل لمرات عديدة مسطرة ثبوت الزوجية٬ فلماذا لاتعتقل آلاف الأزواج بهذه التهمة.

التسليم بأن المعنيين بالأمر كانا مختليين٬ وهذه من الفخاخ التي وقع فيها الكثير من المتابعين والمتفاعلين٬ فجلوس شخصين في سيارة مركونة بمكان عام جهارا نهارا لايعتبر اختلاء٬ ولو أرادا الاختلاء لاختارا الليل٬ أو مكانا مهجورا والسيارة تسهل ذلك٬ بل لو كانت نيتهما الاختلاء وممارسة ما نسب إليهما بهتانا٬ لقصدا شقة أو فندقا٬ وهي أيسر وأسهل وفي متناول جميع المواطنين في بلدنا.

هذه تنبيهات أحببت تأطير القضية بها٬ هي كالقواعد في التعامل مع حادثة الإفك هذه.

حادثة الإفك والإخراج البوليودي المثير

كان أول من كتب عن الحادثة موقع معروف٬ صبيحة يوم الأحد٬ أي في نفس يوم الواقعة٬ بإخراج مثير وتفاصيل دقيقة٬ من محاضر الشرطة٬ وقد كنت كتبت بعد اعتقالي٬ أن لبعض المنابر مكاتب داخل مقرات الشرطة٬ أو أن للشرطة مكاتب بتلك الجرائد٬ وهو ما بدا جليا في هذه القضية. ثم نقلت عنه منابر معروفة المنبت والمنطلق والمقصد٬ حتى أن “الأحداث”: تقدم راويتها كـشاهدة من حفل مساء السبت٬ أي الليلة التي سبقت الاعتقال٬ إلى صباح الاعتقال يوم الأحد٬ وبدا أن التفاصيل محرجة جدا٬ لعدد من الجهات ومن ذلك ما تداوله بعض النشطاء كقولهم:

ما ذا كانت تفعله دورية الفرقة الوطنية في السابعة صباحا؟

هل كان تواجدها صدفة؟ أم كانت متربصة؟

كيف علم الموقع المذكور بتفاصيل ما قبل ليلة الاعتقال٬ وبالمكالمة والموعد وغيرها من التفاصيل٬ التي بعضها صحيح٬ وبعضها اقتضاه الحقد والإثارة٬ وحتى التعليمات؟

ثم انطلقت حملة الترقيع٬ للإجابة عن هذه الأسئلة٬

ولأن حبل الكذب قصير٬ والترقيع تظهر رقعه المتنافرة للعيان٬ فقد جاء السيناريو على الشكل التالي:

للتغطية على أن واقعة التوقيف كان عن سبق إصرار وترصد، تم تسريب أن الفرقة الوطنية٬ إنما كانت هناك لإلقاء القبض على بارون مخدرات٬ وصدفة وجدت أمامها المعنيين وأوقفتهما٬هذه رواية.

الرواية الثانية في جريدة ورقية٬ قالت إن الدورية كانت هناك في إطار حملة زيرو كريساج.

وفي رواية أخرى من موقع كود: “حسب معطيات حصلت عليها “كود” وتؤيدها المعطيات التي نشرت استنادا الى مقرب جدا من بنحماد فإن أعضاء الفرقة ما كانش باغية اصلا تزيد معاه فالهدرة. لقاو راجل ومرا فسيارة ميرسيديس كالو ليهم هاد الشي عليكم خطر آش كديرو هنا. بمعنى كانت القصة تسالي بلا صداع لو أن بنحماد تصرف بهدوء. حقاش كال ليهم مراتي وباش سولوه على العقد كال ليهم زواج عرفي هنا باش دار الشبهات. مصدر “كود” أكد أن لا أحد من أعضاء الفرقة عندو شي علم بهاد الشخص ولا مكانتو ولا شكون هو”.

وكما يقول المغاربة “نسي الكذاب وسولو”٬ فإن هذا الموقع الأحمر٬ تحدث في رواية أخرى عن ضبط المعنيين عاريين في وضع جنسي مخل. في تناقض صارخ واضح مخجل. فهل الشرطة ضبطت الشخصين وهما في وضع جنسي مخل أم نبهتهما بأدب أن المكان خطر عليهما. بعد كل ماذكرنا توالت ردود الفعل والتعليقات٬ فكان منها:

من استغل الحادثة لتصفية الحسابات

من اللذين يدافعون عن اللواط والسحاق وتعدد العلاقات الجنسية والدعارة والإجهاض والإفطار في رمضان والاستهزاء بالأديان٬ وحرية التصرف في الجسد٬ من دعاة الحداثة والعلمانية.

فكتب القاضي المخلوع٬ محمد الهيني٬ الذي بقي بلا شغل٬ إلا النشر والتعليق على الفيسبوك.”فيلم جديد سيعلن عنه عنوانه قصة حب الكوبل التوحيدي والاصلاحي في مرسيديس الساعة 7صباحا تمثيل تجار الدين”.

وكتب صلاح الوديع على صفحته الفيسبوكية: “هي لحظة كي ينفضح تجار الدين ومزدوجو الخطاب ومدَّعو احتكار الأخلاق والفضيلة باسم الاسلام، من أجل كسب مصالح دنيوية.”

كمال لغمام النقابي البامي: نشر على صفحته أن حركة “التوحيد والإصلاح” تحولت لمدرسة للقِوادة وعلى المغاربة سحب بناتهم منها قبل فوات الأوان بعد الفضيحة الجنسية والأخلاقية التي ارتكبها نائبا رئيس حركة التوحيد والإصلاح بمدينة المنصورية.

من استغل الحادثة لنصرة مبادئه

وهؤلاء حتى إن اختلفت معهم٬ فيحمد لهم أنهم لم يستغلوا الواقعة للتشهير وتصفية الحسابات٬ رغم أن مواقفهم لا تعني تضامنا أو تبرئة للمعنيين بالأمر٬ ومن هؤلاء:

أحمد عصيد الذي قال: “هذه الواقعة تدل على تخلف الدولة والمجتمع، والترسانة القانونية ببلادنا”.

الناشطة الحقوقية نضال سلام طالبت بـ”رفع المتابعة القضائية في حق القياديين الإسلاميين”، مضيفة أن “مطلبها ينسجم مع مطلب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإسقاط الفصلين 490 و491 الرجعيين والمتخلفين من القانون الجنائي”.

ويمكن إضافة مصطفى المعتصم الأمين لحزب البديل الحضاري٬ (المصنف إسلاميا) لهذا الصنف. فقد كتب على حائطه: “هذا التضامن النابع من إيماني العميق بضرورة احترام الحقوق الشخصية وحمايتها ومنع توظيف مثل هذه الأمور في الصراعات السياسية لن يمنعني من القول بأني مختلف تماما مع بنحماد والنجار إذا كانا قد صرحا بأنهما متزوجان بالفاتحة فهذا الكلام مردود عليهما ومرفوض”. فهو متضامن معهما إن كانا خليلين في إطار الحرية الفردية٬ متبرئ منهما إن كانا زوجين بعقد شرعي غير موثق٬ لأن ذلك يخالف القانون.

من تضامن نصرة  لمبادئه ولم يسلم برواية المغرضين

أكدت خديجة الرياضي، أن الأصوات الحرة والمعارضة للنظام سواء كانت يسارية، إسلامية، او علمانية، أصبحت مستهدفة من طرف الدولة والسلطات، حيث تتم مراقبة حياتها الشخصية، والتشهير بها في صحافة “الارتزاق” و “الرداءة”، ومتابعتها بتهم ملفقة.

قال النقيب عبد الرحمان بنعمرو، قال إن واقعة توقيف ومتابعة القياديين بحركة التوحيد والإصلاح، بتهمة الخيانة الزوجية، لا تتوفر فيهما عناصر جريمتي الفساد أو الخيانة الزوجية.

المعطي منجب، اعتبر أن ما وقع يدل على أن “الدولة تختار ضحاياها لأهداف سياسية دنيئة”، موضحا أن “هذا الأسلوب ليس بجديد عليها فقد اعتمدته في السبعينات والثمانينات ضد مجموعة من القياديين اليساريين والآن تستعمله ضد تيار تخاف منه وهو التيار الإسلامي”.

مواقف الإسلاميين

بغض النظر عن موقف حركة التوحيد والإصلاح٬ الذي ندد به كثير من الدعاة والمفكرين الإسلاميين٬ واعتبروه خذلانا وتخليا عن قياديين بارزين٬ لم يقترفا ذنبا٬ وتم التخلي عنهما بسرعة كبيرة٬ عوض احتضانهما والدفاع عنهما٬ والحؤول دون الوصول إليهما والنيل من عرضهما. فإن كل ردود الفعل من المحسوبين على الصف الإسلامي٬ كانت إيجابية في مستوى التثبت والتبين والنصرة وإحسان الظن٬ والتيقظ والتفطن للألاعيب والمؤامرات٬ فقد كانت الردود قوية مضمونا وكيفا٬ ضعيفة من الناحية الكمية العددية٬ ونذكر منها:

موقف الشيوخ والدكاترة والأساتذة:

البشير عصام المراكشي٬ عادل رفوش٬ حماد القباج٬ حسن الكتاني٬ أحمد الريسوني٬ الشقيري الديني٬ امحمد الهلالي٬ رشيد غلام٬ عصام الرجواني٬ عبد الله الجباري الحسني، طارق الحمودي، محمد الفزازي، حمزة الكتاني.

وختاما نشير لموقف موقع “هوية بريس” وطاقمه٬ وعلى رأسه الأستاذ إبراهيم الطالب ونبيل غزال.

عن موقع هوية بريس