ام الحاج حسن والقضية الفلسطينية

بقلم : د الحبيب ناصري

قصة جميلة وواقعية!. كلما فكرت في كتابتها، أنساها في الأيام الموالية . انها قصة ام الحاج حسن والقضية الفلسطينية . في دورة من دورات المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي الأولى، بخريبكة، زارنا وفد فلسطيني للمشاركة في المهرجان. بعد نهاية المهرجان وكعادتها إدارة المهرجان، ترجع جميع الوفود التي زارت وشاركت من خارج المغرب الى مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء . رحلة عودة الوفد الفلسطيني كانت مبرمجة بعد نهاية المهرجان بيومين. اقترح علي الحاج حسن مجتهد، وهو من جمعية المهرجان، ضيافة هذا الوفد العزيز بمنزل ابيه بالدارالبيضاء . اقترحت الفكرة على زعيم الوفد الفلسطيني آنذاك العزيز فايق جرادة ، وهو أيقونة فلسطينية وعربية وانسانية بامتياز!. رحب بالفكرة ، وسافرنا في اليوم الموالي بشكل جماعي الى الدارالبيضاء او كازا كما هي في التداول اللغوي العامي الشعبي المغربي . جال الحاج حسن في البدء، بهذا الوفد الكريم، في مناطق عديدة بهذه المدينة التي يحفظ جيدا كافة تضاريسها الجغرافية والاجتماعية، بل احيانا حينما ، آتيه في بعض تنقلاتي فيها ، بمجرد إخباره هاتفيا بتيهي يدلني ويرجعني الى مكاني المقصود، ويذكر لي حتى بعض العلامات التي توجد يميني او يساري . حينما اكمل بنا جولته توجهنا نحو بيت ابيه بعين الشق. كان استقبالًا مغربيًا شعبيا جميلا وراقيا ويليق بهذا الوفد الفلسطيني الذي يسكن قلوب كل المغاربة في السهول والجبال والهضاب والمدن والقرى. القضية الفلسطينية برمتها موجودة في عين الشق بكازا وفي بيت والديه. كان عشاء مغربيًا لذيذًا ، حضرته، بجانب هذا الوفد الفلسطيني، الراحلة المخرجة المصرية شيرين غيث، رحمها الله. استقبال على الطريقة المغربية بالحليب والتمر. كل فرح الدنيا لاحظته في عيون اب الحاج حسن. شاي وحلويات مغربية، اتبعا بعشاء مغربي لذيذ، شخصيا أكلت حتى انتفخ بطني ولم اجد اين ارمي ما تبقى بين يدي. ام الحاج حسن هي التي طبخت واعدت بنفسها العشاء. يكفي ان اذكر انها من الرعيل الأول للامهات!. يداها يؤرخ بها المؤرخ المختص في الطبخ للعديد من الوجبات الشعبية المغربية. حينما أنهت مهمة اكرام الضيوف، صعدت الى الطابق العلوي وهو خاص بالضيوف. كنت حريصا على تتبع كافة تفاصيل طريقة تسليمها !. الضيوف هم من بلد فلسطين!. احسست ان عيونها سلمت وأحبتهم جميعًا وقبل مصافحتهم !. جلست بالقرب منهم وبدات تسألهم وتحكي لهم عن القضية الفسطينية. نبشت في القدس وباب المغاربة وصلاح الدين الأيوبي وحدثتهم عن الراحل ياسر عرفات وموضوعات فلسطينية عديدة. امرأة مغربية شعبية وغير متعلمة ومسنة ومرهقة بتربية الابناء ككل امهاتنا!. فوجئ الوفد الفلسطيني بنقاشها وعشقها للقضية. الكل يشرب الشاي ويأكل الحلويات اللذيذة ويتابع مرافعة امرأة مغربية شعبية لا تعرف لا يوم ولا سنة ولادتها وغير متعلمة وملمة حتى بتفاصيل البسة الراحل ياسر عرفات اثناء زياراته العديدة للمغرب. ينسل فايق من الجمع. يتجه نحو غرفة خصصت لنومه، ويعود حاملًا بين يديه الكوفية الفلسطينية ويتوجها بها ودموعه تنزل وتحت تصفيقات الجميع وعيون اب الحاج حسن الصامت دومًا، قد أفصحت عن عشقها لضيوفه وللقضية برمتها. رحل الوفد الفلسطيني وبقي اسم ابو علي الذي لقب به هذا الوفد الصديق الحاج حسن يتردد الى يومنا هذا والكوفية الفلسطينية بدورها معلقة في غرفة الضيوف شاهدة على زمن فلسطيني مغربي شعبي جميل.