متابعة: خالد الزهواني
تعيش جماعة المعازيز بإقليم الخميسات وضعاً صحياً يُوصف من قبل فعاليات مدنية وحقوقية بـ “الكارثة الإنسانية والعار الإداري“، بعدما تحول المركز الصحي القروي من المستوى الثاني إلى بناية شبه مهجورة، خارج الخدمة الفعلية، نتيجة غياب الدواء، وانعدام الوسائل اللوجستيكية، وخصاص حاد في الموارد البشرية، إضافة إلى غياب الطبيب يومي الثلاثاء والجمعة، ما يجعل المرفق الصحي معطلاً خلال فترات واسعة من الأسبوع.
غياب الطبيب يومين في الأسبوع لا يُعتبر مجرد تفصيل إداري، بل تعطيل مباشر لخدمة عمومية حيوية هذا الوضع يدفع النساء الحوامل، والمرضى، وكبار السن إلى قطع مسافات طويلة في اتجاه الخميسات أو الرباط، في ظروف بالغة الصعوبة، خاصة خلال الليل، حيث يضطر المواطنون إلى استعمال سيارات “الخطافة” لنقل المرضى في غياب أي بديل رسمي أو تدخل إسعافي.
وتعيش النساء الحوامل وضعاً أكثر قسوة، في ظل غياب خدمة المداومة الليلية بالمستوصف، ما يجعل كل حالة ولادة ليلاً مأساة حقيقية قد تنتهي بالمستشفى أو بالطريق… أو داخل سيارة غير مجهزة.
وتضم الجماعة 12,171 نسمة موزعة على 2,772 أسرة، ورغم ذلك لا تتوفر على مركز صحي قادر على توفير أبسط شروط العلاج.
ومن أكثر مظاهر الإهمال إثارة للقلق، امتلاك جماعة المعازيز ثلاث سيارات إسعاف، كلها معطلة منذ مدة طويلة، وفي وضع لا يسمح بتقديم أي خدمة.
وما يزيد الوضع غرابة، أن وزارة الصحة كانت قد وقّعت اتفاقية سنة 2017 مع الجماعة بخصوص إحدى سيارات الإسعاف، لكن النتيجة كانت نفسها: تعطل وإهمال وتوقف تام.
مرضى يواجهون الموت على الطريق، نساء يلدن في سيارات “الخطافة”، أطفال يُنقلون في ظروف غير إنسانية بينما سيارات الإسعاف الرسمية مركونة كالأشباح، تشهد على حجم الفشل في تدبير هذا القطاع.
عدد من الجمعيات والهيئات الحقوقية طالبت بفتح تحقيق عاجل لمعرفة الأسباب الحقيقة وراء تعطيل سيارات الإسعاف الثلاث، وغياب الصيانة، وتركها عرضة للتلف، إضافة إلى تحديد المسؤوليات السياسية والإدارية للمنتخبين والجهات الوصية.
ومع ذلك، يواصل المسؤولون صمتهم، ما دفع الساكنة إلى طرح أسئلة ملحّة حول عمق الاختلالات البنيوية في تدبير الشأن الصحي بالمنطقة، وكيف تُترك حياة آلاف المواطنين رهينة الحظ والصدفة.
الوضع الصحي المتدهور بالمعازيز ليس حالة منفردة، بل صورة مصغرة لأزمة بنيوية يعيشها العالم القروي في المغرب.
غياب التجهيزات، نقص الأطر، تعطّل سيارات الإسعاف، وانعدام المداومة الليلية كلها عناصر تؤكد أن الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بعيدة تماماً عن المستوى المطلوب.
وتؤكد الساكنة أن مطالبها بسيطة وواضحة، وتتلخص في توفير طبيب دائم طيلة أيام الأسبوع وتعويض أي غياب وإحداث مداومة ليلية 24/24 لضمان الرعاية العاجلة بالإضافة الى إصلاح أو تعويض سيارات الإسعاف الثلاث بشكل مستعجل، فتح تحقيق شفاف حول تعطّل أسطول الإسعاف وظروف التدبير، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال الذي يهدد صحة المواطنين وكرامتهم.
في ظل استمرار هذا الوضع، يرى سكان المعازيز أن الحل لم يعد مطلباً اختيارياً بل ضرورة مُلحّة لضمان الحق في الحياة قبل الحق في العلاج.
ويبقى الأمل معلّقاً على تدخل عاجل من السلطات الإقليمية والمركزية، لإعادة الاعتبار لمنطقة تُعاني بصمت، وللسكان الذين ينتظرون فقط حقهم البسيط في الصحة والكرامة.
