صدر مؤخرا للأستاذ محمد لهلالي بن مدينة صفرو، والذي يشتغل حاليا أستاذا للفلسفة بجهة مكناس. كتاب جديد بعنوان {الضغوط النفسية عند الأساتذة وعلاقتها بالإصلاح التربوي} وهو عبارة عن دراسة ميدانية حاول فيها الكاتب قياس درجات الضغوط باعتماد سلم عالمي لقياس هذا النوع من الاضطرابات النفسية. مع محاولته رصد مظاهر هذه الضغوط عند هذه الفئة من الموظفين. وجرد تفصيلي لأنواعها ومسبباتها. مع اقتراح استراتيجيات لتدبيرها وفق ما حدده معظم الباحثين السيكولوجيين. وحسب الكاتب تشكل مهنة التدريس بالمغرب إحدى المهن الاجتماعية الضاغطة، نظرا لكثرة مسؤولياتها ومتطلباتها وزيادة الأعباء فيها، والتي تجعل الأساتذة غير راضين عن مهنتهم، ولا مطمئنين على مستقبلهم وأمنهم المهني، مما يؤثر سلبا على كفاءتهم في الأداء. وإذا كانت الوزارة المعنية تعتبر المتعلم في قلب المنظومة، فما هو موقع الأستاذ في هذه المنظومة؟ أليس هو المتواصل المباشر مع هذا المتعلم؟ ألا يعتبر الساهر على جريان الدم في شرايين قلب هذه المنظومة؟ وهل يمكن لهذا المتعلم المتربع في قلب المنظومة التربوية، أن يكتسب الكفايات الأساس، دون استنفار هذا الأستاذ لكل طاقاته النفسية والجسمية والمالية…؟ يصعب الحسم في هذه التساؤلات، إلا أن إشكالية موقع الأستاذ في النظام التربوي المغربي، من حيث حقوقه وواجباته، ومن حيث توافر ظروف العمل المواتية لتجويد فعله التربوي، تجعل منه عرضة لضغوط نفسية لا يستطيع التحكم فيها، مما يحول دون قيامه بدوره على وجه أفضل؛ الأمر الذي يساهم في تولد أحاسيس لديه من قبيل العجز عن القيام بالمهمات المنوطة به، بالمستوى والمواصفات التي يحددها النظام البيداغوجي المغربي الحديث. فكل الضغوط النفسية المتولدة لدى الأستاذ من جراء هذه الظروف والعوامل لها آثار سلبية على حالته النفسية والجسمية، وبالتالي على درجة توافقه المهني؛ وإذا لم يتم تدبير هذه الضغوط ومواجهتها، فسيتحول تأثيرها إلى أعراض بدنية كأمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، التوتر، الشعور بالإحباط، والاضطهاد… وهي أمور توصل حتما إلى انخفاض الأداء، أو كثرة الغياب، أو ترك العمل في بعض الحالات… كما يشير لذلك بارون 1999. إضافة إلى آثار أخرى نفسية وجسمية وبعض الاضطرابات السلوكية كالاكتئاب، الانعزال، القلق والعصبية وبعض الأعراض السيكوسوماتية الأخرى . وخلاصة القول أن كل هذه الآثار النفسية والجسمية التي يرزح تحتها أستاذ التعليم الابتدائي العامل بالعالم القروي، بفعل الضغوط النفسية التي يعيشها؛ والمتولدة عن العوامل المهنية والعائلية والمادية… التي تحاصره بالوسط القروي، لها وقع سلبي على مردوديته المهنية وعلى درجة توافقه مع المجتمع المدرسي ومحيطه، وبالتالي على مستويات التعلم لدى الفئة المستهدفة من تلاميذه.